فصل: الفصل السادس في الصرف في دار الحرب:

صباحاً 0 :43
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
19
الجمعة
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الصَّرْفِ مَعَ مَمْلُوكِهِ وَقَرَابَتِهِ وَشَرِيكِهِ وَمُضَارِبِهِ وَصَرْفُ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ وَوَكِيلِهِ وَصَرْفِ الْوَصِيِّ:

لَيْسَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ رِبًا فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا رِبًا أَيْضًا وَلَكِنْ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْعَبْدِ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرُ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ بَاعَ مِنْ مُكَاتِبِهِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ لَا يَجُوزُ وَكَانَ رِبًا وَمُعْتِقُ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتِبِ وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ حُرٍّ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْوَالِدَانِ، وَالزَّوْجَانِ، وَالْقَرَابَةُ وَشَرِيكُ الْعِنَانِ فِيمَا لَيْسَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مَا فِي الرِّبَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجَانِبِ، وَالْمَمَالِيكِ بِمَنْزِلَةِ الْأَحْرَارِ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا الْمُتَفَاوِضَانِ إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُمَا بَيْعًا، وَهُوَ مَالَهُمَا كَمَا كَانَ قَبْلَ هَذَا الْبَيْعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ الْقُدُورِيُّ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُ الْقَاضِي وَأَمِينِهِ لِلْيَتِيمِ وَفِعْلُ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَالْوَصِيِّ إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ الْمُضَارِبِ بَاعَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يُجِزْ إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا كَانَ لِلْيَتِيمِ دَرَاهِمَ فَصَرَفَهَا الْوَصِيُّ بِدَنَانِيرَ مِنْ نَفْسِهِ بِسِعْرِ السُّوقِ لَمْ يُجِزْ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ إنَاءَ فِضَّةٍ فَبَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ بِوَزْنِهِ وَلَوْ كَانَ فِي حِجْرِهِ يَتِيمَانِ لِأَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ دَنَانِيرُ فَصَرَفَهَا الْوَصِيُّ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ شَيْئًا لِنَفْسِهِ نَظَرْت فِيهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَمْضَيْت الْبَيْعَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْآخَرُ وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَجُوزُ أَصْلًا لِلْأَثَرِ الَّذِي رَوَيْنَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَالَ وَحُكْمُ الْقَاضِي فِي الصَّرْفِ وَحُكْمُ وَكِيلِهِ وَأَمِينِهِ كَحُكْمِ سَائِرِ النَّاسِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَكُونُ التَّقَابُضُ إلَيْهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْغَائِبِ أَوْ الْيَتِيمِ وَلَوْ بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ صَرَفَ دَرَاهِمَهُ مِنْ دَرَاهِمَ نَفْسِهِ أَوْ بِدَنَانِيرَ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْحَاوِي.

.الفصل الثالث في الوكاة في الصرف:

إذَا تَصَارَفَ الْوَكِيلَانِ لَمْ يَسْعَ لَهُمَا أَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَتَقَابَضَا وَلَا يَضُرُّهُمَا غَيْبَةُ الْمُوَكَّلَيْنِ عَنْهُمَا كَذَا فِي الْحَاوِي.
تَصَارَفَا وَوَكَّلَا بِقَبْضِهِ فَتَقَابَضَ الْوَكِيلَانِ قَبْلَ افْتِرَاقِ الْمُوَكَّلَيْنِ جَازَ وَبَعْدَ افْتِرَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلَيْنِ بِدَرَاهِمَ يَصْرِفَانِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَصْرِفَ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ عَقَدَا جَمِيعًا، ثُمَّ ذَهَبَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ حِصَّةُ الذَّاهِبِ، وَهُوَ النِّصْفُ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ الْبَاقِي، وَهُوَ النِّصْفُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ وَكَّلَا جَمِيعًا رَبَّ الْمَالِ بِالْقَبْضِ أَوْ الْأَدَاءِ وَذَهَبَا بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِنْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ لَهُ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ فَصَرَفَهَا وَتَقَابَضَا وَأَقَرَّ الَّذِي قَبَضَ الدَّرَاهِمَ بِالِاسْتِيفَاءِ، ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا دِرْهَمًا زَيْفًا فَقَبِلَهُ الْوَكِيلُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَجَحَدَ الْمُوَكِّلُ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ جَحَدَ الْوَكِيلُ أَنَّ هَذَا مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَأَقَامَ مُشْتَرِيهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مِنْهَا وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ هُوَ بِالِاسْتِيفَاءِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُرَدُّ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُ الْآمِرُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- مَنْ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ خَطَأً؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ لَيْسَتْ مَوْضِعَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَالْقَوْلُ لِمُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ اسْتِحْسَانًا كَمَا إذَا جَاءَ الْمُسْلِمُ إلَيْهِ بِدِرْهَمِ زَيْفٍ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَكَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ إذَا جَاءَ الْبَائِعُ بِزَيْفٍ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا فَكَذَا هَهُنَا وَإِلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْآئِمَةِ السَّرَخْسِيِّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- صَحَّحَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْكِتَابِ وَقَالَ بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا وَلَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ فَهُوَ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَسْقَطَ الْيَمِينَ، وَالْبَيِّنَةَ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ مَقْبُولَةٌ كَمَا إذَا أَقَامَهَا الْمُودِعُ عَلَى الرَّدِّ أَوْ الْهَلَاكِ وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ مُشْتَرِيَ الدَّرَاهِمِ يُكَلَّفُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَهُمَا قُبِلَتْ وَلَعَلَّهُ أَقَامَهَا لِدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْ نَفْسِهِ فَكَانَ كَالْمُودِعِ قَالَ وَكَذَلِكَ إذَا اسْتَحْلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى ذَلِكَ فَنَكِلَ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ لَزِمَ الْمُوَكِّلُ هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا هَذَا خَطَأٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ شَرْعًا وَمَنْ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَهُ شَرْعًا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.
فَهُوَ إنَّمَا يُرَدُّ إذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا أَنَّهُ يُحَلِّفُ الْوَكِيلَ فَلَا وَإِنَّمَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ مُشْتَرِي الدَّرَاهِمِ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ عَلَى الْوَكِيلِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْآمِرِ فَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ صَحَّحُوا الْمَذْكُورَ فِي الْكِتَابِ وَقَالُوا هَذَا الَّذِي ذَكَرْتُمْ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ وَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى طَرِيقِ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ لَهُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ فَصَرَفَهَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الدَّنَانِيرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِعَيْنِهِ بِدَرَاهِمَ فَاشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ كَمَا أَمَرَهُ وَنَوَى أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى لِنَفْسِهِ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْآمِرِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَرْضٍ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَ وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ إبْرِيقَ فِضَّةٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ كَانَ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ فَالْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَبَاعَهَا بِفِضَّةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ، وَالْمُوَكِّلُ أَحَقُّ بِهَذِهِ الْفِضَّةِ مِنْ الْوَكِيلِ يَقْبِضُ مِنْهَا بِوَزْنِ فِضَّتِهِ، وَالْبَاقِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ قَالُوا: تَأْوِيلُ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَحَقُّ بِالْفِضَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ فِضَّتِهِ بِعَيْنِهَا بِأَنْ غَابَ قَابِضُهَا أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَقَدْ اسْتَهْلَكَهَا فَمَتَى كَانَتْ الْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا فِي يَدِ الْوَكِيلِ مِثْلَ فِضَّتِهِ وَزْنًا فَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ فِضَّتِهِ بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذَهَا لَا غَيْرُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِبَيْعِ تُرَابٍ فِضَّةٍ فَبَاعَهُ بِفِضَّةٍ لَمْ يَجُزْ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْفِضَّةَ الَّتِي فِي التُّرَابِ مِثْلَ الثَّمَنِ فَرَضِيَ جَازَ ذَلِكَ وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِ فَإِنْ رَدَّهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ جَازَ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِنْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِي التُّرَابِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ كِلَيْهِمَا جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِيهِ أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَبَاعَهُ بِالْعَرْضِ جَازَ عِنْدَ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ سَيْفًا مُحَلًّى فَبَاعَهُ نَسِيئَةً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ أَوْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا فِيهِ نَقْدًا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِحُلِيِّ ذَهَبٍ فِيهِ لُؤْلُؤٌ وَيَاقُوتٌ يَبِيعُهُ لَهُ فَبَاعَهُ لَهُ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ اللُّؤْلُؤُ، وَالْيَاقُوتُ يُنْزَعُ مِنْهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي حِصَّةِ الصَّرْفِ وَجَازَ فِي حِصَّةِ اللُّؤْلُؤِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْزَعُ إلَّا بِضَرَرٍ لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فُلُوسًا بِدِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا فَكَسَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْآمِرِ فَهِيَ لِلْآمِرِ، وَإِنْ كَسَدَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْوَكِيلُ كَانَ الْوَكِيلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا فَإِنْ أَخَذَهَا فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ دُونَ الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْآمِرُ أَنْ يَأْخُذَهَا كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ طَوْقَ ذَهَبٍ بِعَيْنِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأَلْفَ فَاشْتَرَى الْوَكِيلُ الطَّوْقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ الطَّوْقَ كَسَرَ رَجُلٌ الطَّوْقِ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَانَ لِلْوَكِيلِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْعَقْدَ وَأَتْبَعَ الْكَاسِرَ بِقِيمَةِ الطَّوْقِ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْعَقْدَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَائِعَ إنْ شَاءَ عَيْنَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ شَاءَ مِثْلَهَا فَإِنْ أَمْضَى الْوَكِيلُ الْعَقْدَ وَأَخَذَ مِنْ الْكَاسِرِ قِيمَةَ الطَّوْقِ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ تِلْكَ الْقِيمَةَ مِنْ الْوَكِيلِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ مِثْلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي دَفَعَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ الضَّمَانَ مِنْ الْكَاسِرِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ إنْ كَانَ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ بِطَوْقٍ ذَهَبٍ يَبِيعُهُ فَبَاعَهُ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الطَّوْقَ إلَى الْمُشْتَرِي فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ وَجَدْت الطَّوْقَ صُفْرًا مُمَوَّهًا بِالذَّهَبِ فَأَنْكَرَ الْآمِرُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَجْحَدَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ فَحَلَفَ الْوَكِيلُ فَنَكَلَ وَرَدَّ الْقَاضِي الطَّوْقَ عَلَيْهِ وَفِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الطَّوْقُ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُقِرَّ الْوَكِيلُ وَفِي هَذَا الْوَجْهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ ذَلِكَ رَدًّا عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْمُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ قَاضٍ لَزِمَ الْوَكِيلُ أَيْضًا وَلَكِنْ لِلْوَكِيلِ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأُكْرِهَ لِلْمُسْلِمِ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ بِأَنْ يَصْرِفَ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأُجِيزَهُ إنْ فَعَلَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِدَرَاهِمَ يَصْرِفُهَا لَهُ فَصَرَفَهَا مَعَ عَبْدٍ لِلْمُوَكِّلِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَجُوزُ صَرْفُ الْوَكِيلِ مَعَ الْعَبْدِ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمُوَكِّلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ يَجُوزُ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَكِنْ لَا يُسَلِّمُ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ إلَى الْعَبْدِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُهَا لَهُ فَبَاعَهَا بِدَنَانِيرَ وَحَطَّ عَنْهُ مَا لَا يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ لَمْ يُجِزْ عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ صَرَفَهَا بِسِعْرِهَا عِنْدَ مُفَاوِضٍ لِلْوَكِيلِ أَوْ شَرِيكٍ لَهُ فِي الصَّرْفِ أَوْ مُضَارِبٍ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ لَمْ يُجِزْ، وَإِنْ صَرَفَهَا عِنْدَ مُفَاوِضِ الْآمِرِ لَمْ يُجِزْ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا الْآمِرُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ صَرَفَهَا عِنْدَ شَرِيكِ الْآمِرِ فِي الصَّرْفِ غَيْرِ مُفَاوِضٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ مُضَارِبُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُهَا وَهُمَا بِالْكُوفَةِ وَلَمْ يُسَمِّ مَكَانًا فَفِي أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ الْكُوفَةِ صَرَفَهَا جَازَ، وَإِنْ خَرَجَ بِهَا إلَى الْحِيرَةِ وَصَرَفَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَا وَكَّلَ بِهِ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ كَالْعَبْدِ، وَالطَّعَامِ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ فَبَاعَهَا فِي بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ الْكُوفَةِ إنْ لَمْ يَنْقُلْهَا إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ جَازَ الْبَيْعُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا، وَإِنْ نَقَلَهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَبَاعَ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا نُقِلَ إلَى مَكَّةَ وَاسْتَأْجَرَ بِذَلِكَ فَإِنْ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ سَلَّمَ حَتَّى بَاعَ أَجَزْت الْبَيْعَ وَلَمْ أُلْزِمْ الْآمِرَ مِنْ الْأَجْرِ شَيْئًا وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ أَجَزْت الْبَيْعَ إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَهُ فِيهِ بِبَيْعِهِ وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَقَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَضْمَنَهُ وَلَا أُجِيزُ الْبَيْعَ اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ فَكَانَ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ إنَّهُ إذَا سَلَّمَ حَتَّى بَاعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ جَوَابَ الْقِيَاسِ لَا جَوَابَ الِاسْتِحْسَانِ فَصَارَ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيمَا لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إذَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ فِي مِصْرٍ آخَرَ جَازَ قِيَاسًا وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَمَنْ وَكَّلَ غَيْرَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَصْرِفُهَا لَهُ، ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ صَرَفَ تِلْكَ الْأَلْفِ فَجَاءَ الْوَكِيلُ إلَى بَيْتِ الْمُوَكِّلِ فَأَخَذَ أَلْفًا غَيْرَهَا وَصَرَفَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْأُوَلُ بَاقِيَةً فَأَخَذَ الْوَكِيلُ غَيْرَهَا وَصَرَفَهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ، وَالْفُلُوسُ كَذَا فِي الْحَاوِي وَلَوْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ تِلْكَ الْأَلْفَ إلَى الْوَكِيلِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ أَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ فِضَّةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ ذَهَبٍ بِعَيْنِهِ فَبَاعَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يُجِزْ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَإِذَا وَكَّلَهُ بِدَرَاهِمَ يَصْرِفُهَا لَهُ بِدَنَانِيرَ وَهُمَا بِالْكُوفَةِ فَصَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ كُوفِيَّةٍ مُقَطَّعَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا صَرَفَهَا بِدَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ وَقَدْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْكُوفِيَّةَ الْمُقَطَّعَةَ، وَالشَّامِيَّةَ فَأَفْتَى عَلَى مَا شَاهَدَ فِي زَمَنِهِ وَفِي زَمَنِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ الشَّامِيَّةِ لَا غَيْرَ فَأَفْتَيَا عَلَى مَا شَاهَدَا فِي زَمَنِهِمَا فَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ.
وَإِذَا وَكَّلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ غَلَّةً وَلَمْ يُسَمِّ غَلَّةَ الْكُوفَةِ أَوْ غَلَّةَ بَغْدَادَ فَهَذَا عَلَى غَلَّةِ الْكُوفَةِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ بِالْكُوفَةِ فَإِنْ اشْتَرَى بِهَا غَلَّةَ بَغْدَادَ أَوْ غَلَّةَ الْبَصْرَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ غَلَّةِ الْكُوفَةِ أَوْ فَوْقَهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَتْ دُونَ غَلَّةِ الْكُوفَةِ لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِكَذَا دَنَانِيرَ شَامِيَّةٍ فَبَاعَ بِدَنَانِيرَ كُوفِيَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْكُوفِيَّةُ غَيْرُ مُقَطَّعَةٍ وَكَانَ وَزْنُهَا مِثْلَ وَزْنِ الشَّامِيَّةِ يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ قَالَ وَلَيْسَتْ الدَّنَانِيرُ فِي هَذَا كَالدَّرَاهِمِ يُرِيدُ أَنَّ فِي الدَّرَاهِمِ لَا تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْوَزْنِ بِزِيَادَةِ جَوْدَةٍ وَفِي الدَّنَانِيرِ تُعْتَبَرُ زِيَادَةُ الْوَزْنِ بِزِيَادَةِ جَوْدَةٍ حَتَّى قَالَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِكَذَا دِينَارًا شَامِيَّةً فَبَاعَ بِكَذَا دِينَارًا كُوفِيَّةً فَإِنْ كَانَتْ الْكُوفِيَّةُ وَزْنُهَا مِثْلَ وَزْنِ الشَّامِيَّةِ جَازَ عَلَى الْآمِرِ وَمَالًا فَلَا.
وَقَالَ فِيمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ بِكَذَا دَرَاهِمَ غَلَّةَ الْكُوفَةِ فَبَاعَهَا بِغَلَّةِ بَغْدَادَ أَوْ بِغَلَّةِ الْبَصْرَةِ قَالَ: إنْ كَانَتْ غَلَّةُ الْبَصْرَةِ مِثْلُ غَلَّةِ الْكُوفَةِ جَازَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ وَزْنِ غَلَّةِ الْكُوفَةِ.
وَلَوْ قَالَ بِعْهَا بِدَنَانِيرَ عِتْقٍ فَبَاعَهَا بِشَامِيَّةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْآمِرِ.
وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهَا الْمُسْتَقْرِضُ، ثُمَّ إنَّ الْمُقْرِضَ قَالَ لِلْمُسْتَقْرِضِ اصْرِفْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي لِي عَلَيْك وَلَمْ يُبَيِّنْ مَعَ مَنْ يَصْرِفُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَيَقَعُ الصَّرْفُ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَيَقَعُ الصَّرْفُ لِلْمُقْرِضِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ: اصْرِفْهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ فَدَفَعَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: اصْرِفْهَا وَخُذْ حَقَّك مِنْهَا فَأَخَذَهَا فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَصْرِفَهَا هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَكَذَا لَوْ صَرَفَهَا وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَقَّهُ هَلَكَتْ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا حَقَّهُ، ثُمَّ ضَاعَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبَ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ، وَقَالَ خُذْهَا قَضَاءً لِحَقِّكَ فَأَخَذَ كَانَ دَاخِلًا فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ دَنَانِيرَ، فَقَالَ بِعْهَا بِحَقِّك فَبَاعَهَا بِدَرَاهِمَ مِثْلَ حَقِّهِ وَأَخَذَهَا يَصِيرُ قَابِضًا حَقَّهُ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ قَلْبٍ لَهُ وَوَكَّلَهُ آخَرُ بِبَيْعِ ثَوْبٍ لَهُ فَبَاعَهُمَا جَمِيعًا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِدَنَانِيرَ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ ثَمَنُ الْقَلْبِ، وَالدَّرَاهِمَ ثَمَنُ الثَّوْبِ كَانَ جَائِزًا فَإِنْ دَفَعَ الْقَلْبَ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا يُشْرِكُهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَلَوْ بَاعَهُمَا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، ثُمَّ نَقَدَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كَانَتْ مِنْ ثَمَنِ الْقَلْبِ وَكَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَيَجُوزُ كُلُّهَا لِصَاحِبِ الْقَلْبِ وَلَا يُشْرِكُهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ فِيهَا كَذَا فِي الْحَاوِي.

.الفصل الرابع في الرهن والحوالة والكفالة في الصرف:

قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فَنَقَدَ الدِّينَارَ وَأَخَذَ بِالدِّرْهَمِ رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَإِنْ هَلَكَ، وَهُوَ فِي الْمَجْلِسِ هَلَكَ بِمَا فِيهِ وَجَازَ الْعَقْدُ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ بَطَلَ الصَّرْفُ وَلَا يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا هَكَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ.
وَلَوْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ بَطَلَ الصَّرْفُ وَإِذَا بَطَلَ الصَّرْفُ بِالِافْتِرَاقِ بَقِيَ الرَّهْنُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ بَرِئَ الرَّاهِنُ عَنْ الدَّيْنِ لِمَا فَسَدَ الرَّهْنُ بِالِافْتِرَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ حَيْثُ يَبْطُلُ ضَمَانُ الرَّهْنِ.
قَالَ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ سَيْفًا مُحَلَّى بِدِينَارٍ وَقَبَضَ السَّيْفَ وَدَفَعَ بِالدِّينَارِ رَهْنًا فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا بَقِيَ الصَّرْفُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنْ افْتَرَقَا، وَالرَّهْنُ قَائِمٌ بَطَلَ الصَّرْفُ وَبَقِيَ الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمَنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ حَصَلَ الِارْتِهَانُ بِالسَّيْفِ بِأَنْ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الدِّينَارَ وَأَخَذَ بِالسَّيْفِ رَهْنًا فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَإِنَّ بَائِعَ السَّيْفِ يُؤْمَرُ بِرَدِّ السَّيْفِ عَلَى مُشْتَرِي السَّيْفِ وَلَا يَصِيرُ مُشْتَرِي السَّيْفِ مُسْتَوْفِيًا لِلسَّيْفِ بِالْهَلَاكِ وَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ وَمِنْ الرَّهْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ السَّيْفِ مِنْطَقَةٌ أَوْ سَرْجٌ مُفَضَّضٌ أَوْ إنَاءٌ مَصُوغٌ أَوْ فِضَّةُ تِبْرٍ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ، وَالْكَفَالَةُ بِثَمَنِ الصَّرْفِ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُحِيلُ أَوْ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْل افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ صَحَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ افْتَرَقَ الْمُتَعَاقِدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْكَفِيلُ أَوْ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

.الفصل الخامس في الصرف في الغصب والوديعة:

رَجُلٌ غَصَبَ رَجُلًا قَلْبَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عِنْدَنَا، وَالْقَوْلُ فِي الْوَزْنِ، وَالْقِيمَةِ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، ثُمَّ إذَا ضَمَّنَهُ الْقَاضِي قِيمَتَهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ صَارَ الْقَلْبُ مِلْكًا لَهُ بِالضَّمَانِ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ قَبَضَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الْقِيمَةَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا بَقِيَ التَّضْمِينُ صَحِيحًا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ فَكَذَلِكَ لَا يَبْطُلُ التَّضْمِينُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَكَذَلِكَ إذَا اصْطَلَحَا عَلَى الْقِيمَةِ وَلَوْ أُخِّرَتْ الْقِيمَةُ عَنْهُ شَهْرًا أَجَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ أَيْضًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَكْسِرُ إنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ سَوَاءٌ قَلَّ النُّقْصَانُ بِالْكَسْرِ أَوْ أَكْثَرَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا غَصَبَ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَ الْمِائَةَ الدِّينَارَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّرَاهِمُ فِي يَدِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَقَبَضَ مِائَةَ دِينَارٍ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا، ثُمَّ يَسْتَوِي فِي هَذَا أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً فِي مَنْزِلِ الْغَاصِبِ أَوْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً فَفِي الْحَالَتَيْنِ جَمِيعًا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِالْمِائَةِ الدِّينَارِ إذَا قَبَضَ الْمِائَةَ فِي الْمَجْلِسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي غَصَبَهُ إنَاءَ فِضَّةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ صَالَحَهُ عَلَى جِنْسِ حَقِّهِ أَوْ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَبَضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَدَلَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَأَمَّا إنْ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمِائَةَ الدِّينَارَ فَالشِّرَاءُ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا أَوْ اسْتِحْسَانًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا، وَأَمَّا الصُّلْحُ فَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مُسْتَهْلَكًا حَقِيقَةً بِأَنْ أَحْرَقَهُ الْغَاصِبُ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مَعِيبًا وَحَلَفَ الْغَاصِبُ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْبَدَلِ الْقِيَاسُ أَنْ يُبْطِلَ الصُّلْحُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَبْطُلُ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَائِمًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَهُوَ مَقْرَبَةٌ وَلَا يَمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ أَخْذِهِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ اشْتَرَى الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ الْمُودِعُ قَبْضًا فِي الْوَدِيعَةِ يُبْطِلُ الصَّرْفُ كَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وَإِنْ أَوْدَعَهُ سَيْفًا مُحَلَّى فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ الْتَقَيَا فِي السُّوقِ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَوْبٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ، وَالْعَشَرَةَ، ثُمَّ افْتَرَقَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ كُلُّهُ وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ بِسَيْفٍ مُحَلًّى فَدَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْوَدِيعَةَ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى افْتَرَقَا، وَإِنْ تَقَابَضَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَكَانَتْ فِضَّةُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِفِضَّةِ الْآخَرِ وَحَمَائِلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَصْلُهُ بِحَمَائِلِ الْآخَرِ وَنَصْلِهِ كَذَا فِي الْحَاوِي فَإِنْ كَانَ فِي الْحِلْيَةِ فَضْلٌ أُضِيفَ الْفَضْلُ إلَى الْحَمَائِلِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَالنَّصْلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَ آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً فَاشْتَرَى الْمُودِعُ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَجَازَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الشِّرَاءَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَلَهُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنْ أَجَازَهُ بَعْدَمَا افْتَرَقَا فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ ضَمِنَ مَالَهُ الْمُسْتَوْدِعُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ بَائِعُ الدِّينَارِ وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ، وَالدَّنَانِيرُ وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَبَاعَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ، وَالدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ وَتَقَابَضَا فَجَاءَ صَاحِبُهَا فَأَخَذَهَا مِنْ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَا لَمْ يَتَفَرَّقَا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَإِنْ كَانَا قَدْ افْتَرَقَا يَبْطُلُ الصَّرْفُ إذَا أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُسْتَحِقُّ وَلَكِنَّهُ أَجَازَ الْبَيْعَ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَكَانَ لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمُودِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

.الفصل السادس في الصرف في دار الحرب:

دَخَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَعَقَدَ مَعَ الْحَرْبِيِّ عَقْدَ الرِّبَا بِأَنْ اشْتَرَى دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ بَاعَ مِنْهُمْ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ دَمًا بِمَالٍ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَقَالَ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْحَرْبِيِّ ثَمَّةَ إلَّا مَا يَجُوزُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ أَمَّا إذَا اشْتَرَى مِنْهُمْ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَبَاعَهُ مُسْلِمٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ عَاقَدَ الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ بِأَمَانٍ رَجُلًا أَسْلَمَ هُنَاكَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَبَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ يَجُزْ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَأَمَّا التَّاجِرَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا يَجُوزُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
أَسْلَمَ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَتَبَايَعَا بِالرِّبَا أَوْ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ جَازَ وَيُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَيُرَدُّ الْفَضْلُ، وَإِنْ خَرَجَا إلَيْنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَصَحَّ فِيمَا كَانَ مَقْبُوضًا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ تَاجِرًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَعْطَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً كَانَ جَائِزًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ دَخَلَ تُجَّارُ أَهْلِ الْحَرْبِ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ صَاحِبِهِ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ لَمْ أُجِزْ إلَّا مَا أُجِيزَ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَكَذَلِكَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَكَذَا الْأَسِيرَانِ مِنَّا فِي دَارِهِمْ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ حَرْبِيًّا بَاعَ مِنْ حَرْبِيٍّ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ وَاخْتَصَمَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ التَّقَابُضِ فَالْقَاضِي لَا يَتَعَرَّضُ لِذَلِكَ وَلَا يُبْطِلُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ عَاقِدًا عَقَدَ الرِّبَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا، ثُمَّ تَقَابَضَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَتَرَافَعَا إلَى الْقَاضِي فَالْقَاضِي يَرُدُّ ذَلِكَ أَيْضًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ إذَا تَبَايَعَ مَعَ الْحَرْبِيِّ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ وَخَرَجَ إلَى دَارِنَا قَبْلَ التَّقَابُضِ فَإِنْ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَا تَقَابَضَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ اخْتَصَمَا لَمْ أَنْظُرْ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.الباب السادس في المتفرقات:

فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ صَارَفَ غَيْرَهُ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَتَقَابَضَا، ثُمَّ إنَّ بَائِعَ الدَّرَاهِمِ وَجَدَ الدِّينَارَ الَّذِي قَبَضَهُ يَنْقُصُ قِيرَاطًا قَالَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِدِرْهَمٍ حِصَّةَ الْقِيرَاطِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ عِشْرُونَ قِيرَاطًا قَالَ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الدِّينَارَ وَيَأْخُذَ دَرَاهِمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّبَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ الدِّينَارِ بِعَيْنِهِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الدِّينَارِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ دِينَارٍ فَيَكُونُ لِبَائِعِ الدِّينَارِ جُزْءٌ وَلِهَذَا تِسْعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ الدِّينَارُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزَادَ عَلَيْهَا دَانَقًا فَوَهَبَهُ لَهُ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ جَائِزٌ، يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُدْخِلْهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْهِبَةَ لَمْ تَكُنْ مَشْرُوطَةً فِي الشِّرَاءِ إذْ لَوْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الشِّرَاءِ لَأَفْسَدَتْ الشِّرَاءَ قَالُوا وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْهُ هِبَةُ الدَّانَقِ إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ الْكَسْرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الدِّرْهَمُ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إذَا تَصَارَفَ الرَّجُلَانِ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا فَوَجَدَتْ الدَّرَاهِمَ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِ الَّذِي اُشْتُرِطَ لَهُ فَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا إذَا كَانَتْ دُونَ شَرْطِهِ، وَإِنْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ شَرْطِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ الَّذِي شُرِطَ تُنْفَقُ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ، وَالْبُيُوعِ كَمَا يُنْفَقُ الَّذِي شُرِطَ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُنْفَقُ فِي بَعْضِ الْبُيُوعِ أَوْ فِي بَلَدٍ مِنْ الْبُلْدَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَبْدِلَهَا، وَإِنْ شَاءَ تَجُوزُ بِهَا، وَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ فِيهَا هَذَا النُّقْصَانُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَهْرَجَةِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ انْتَقَضَ بِحِسَابِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هِشَامٌ قَالَ سَأَلْت أَبَا يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّنْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ فَرَجَّحَ أَحَدَهُمَا فَحَلَّلَهُ صَاحِبُ الرُّجْحَانِ قَالَ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فِيهِ فَصٌّ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَنَانِيرَ، ثُمَّ قَبَضَهُمَا وَمَيَّزَهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَوْ بَعْدَهُ، وَالتَّمْيِيزُ يَضُرُّ بِهِ وَافْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْفَصَّ وَمَا نَقَصَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْفِضَّةُ نَقَصَتْ مَعَ ذَلِكَ أَوْ نَقَصَتْ هِيَ وَحْدَهَا لَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهَا وَلَكِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا مَصُوغَةً مِنْ الذَّهَبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَحْدَهَا وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ اشْتَرَى خَاتَمَ فِضَّةٍ فَصُّهُ يَاقُوتٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَذَهَبَ الْفَصُّ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْحَلْقَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَلَوْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِدَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَلْقَةَ بِوَزْنِهَا مِنْ الْفِضَّةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقْرَضَ الرَّجُلُ رَجُلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخَذَ بِهَا كَفِيلًا، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَ الطَّالِبَ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَقَبَضَهَا فَهُوَ جَائِزٌ فَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ أَنَّ الْكَفِيلَ صَالَحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ مَعَ الطَّالِبِ، وَأَمَّا إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ مَعَ الْأَصِيلِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفِيلُ شَيْئًا إلَى الطَّالِبِ صَحَّ الصُّلْحُ إذَا قَبَضَ الْكَفِيلُ الدَّنَانِيرَ مِنْ الْأَصِيلِ، ثُمَّ صُلْحُ الْكَفِيلِ مَعَ الْأَصِيلِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ مُطَالَبَةِ الطَّالِبِ لَا عَنْ الْكَفِيلِ وَلَا عَنْ الْأَصِيلِ فَيُطَالِبُ الطَّالِبُ إنْ شَاءَ الْأَصِيلَ، وَإِنْ شَاءَ الْكَفِيلَ فَإِنْ طَالَبَ الْكَفِيلَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ لَا يَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ طَالَبَ الْأَصِيلَ وَأَخَذَ مِنْهُ الْأَلْفَ كَانَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِالْأَلْفِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْكَفِيلُ أَنْ يُعْطِيَ الْأَصِيلُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْكَفِيلُ مَعْنَاهُ إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلْأَصِيلِ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَنَا أُعْطِيكَ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنْك وَلَا أُعْطِيك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلِلْكَفِيلِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَقُولُ لِلْأَصِيلِ أَنَا أَخَذْتُ مِنْك الدَّنَانِيرَ بِطَرِيقِ الصُّلْحِ وَمَبْنَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِغْمَاضِ، وَالتَّجَوُّزُ بِدُونِ الْحَقِّ وَإِنَّمَا رَضِيت أَنَا بِالتَّجَوُّزِ بِدُونِ حَقِّي بِشَرْطِ أَنْ أَكُونَ أَنَا الْمُبَاشِرُ لِقَضَاءِ دَيْنِ الطَّالِبِ لِعِلْمِي أَنَّ الطَّالِبَ يَرْضَى عَنِّي بِدُونِ الْحَقِّ فَإِذَا بَاشَرْت أَنْتَ وَأَرَدْت الرُّجُوعَ عَلَيَّ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَقَدْ فَاتَ غَرَضِي مِنْ هَذَا الصُّلْحِ فَلَا أَرْضَى بِهِ وَهَذَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْكَفِيلِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الطَّالِبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَيْنَ أَنْ.
يُعْطِيَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي النَّوَادِرِ بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مَكْسُورَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رِبًا، وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا مُكَسَّرَةً فَيَقْضِيَهُ عَشَرَةً صِحَاحًا، ثُمَّ يُبَرِّئُهُ مِنْ دِرْهَمَيْنِ.
وَلَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مَكْسُورَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ صَحِيحَةٍ وَقَالَ: خُذْ هَذِهِ بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ لَا يَجُوزُ وَحِيلَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ التِّسْعَةَ، ثُمَّ يُبَرِّئُهُ الْبَائِعُ عَنْ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي فَإِنْ خَافَ الْمُشْتَرِي أَنْ لَا يَفْعَلَ الْبَائِغُ ذَلِكَ فَحِيلَتُهُ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ التِّسْعَةَ وَفَلْسًا أَوْ شَيْئًا قَلِيلًا وَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: لَوْ بَاعَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ وَفِي أَحَدِهِمَا فَضْلٌ مِنْ حَيْثُ الْوَزْنُ وَفِي الْآخَرِ فُلُوسًا جَازَ وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَادُونَ التَّعَامُلَ بِمِثْلِ هَذَا وَيَسْتَعْمِلُونَهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ الْفَضْلَ بِإِزَاءِ الْفُلُوسِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْطَقَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ فِيهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا وَتَقَابَضَا وَقَدْ شَرَطَ لَهُ أَنَّ حِلْيَتَهَا فِضَّةٌ بَيْضَاءُ فَكُسِرَتْ الْحِلْيَةُ فَإِذَا هِيَ سَوْدَاءُ جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْحِلْيَةِ رَصَاصًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَ الْحِلْيَةَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مِنْ الذَّهَبِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الرَّصَاصِ وَرَدَّ السَّيْرَ، وَإِنْ كَانَ نَقْصُ السَّيْرِ رَدَّ مَا نَقَصَ السَّيْرَ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ فِيهَا رَصَاصًا وَلَكِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَإِنَّهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّهَا، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهَا سِتِّينَ دِرْهَمًا حِلْيَتَهَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إذَا كَانَا قَدْ تَفَرَّقَا، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي زَادَ الْعَشَرَةَ وَجَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَنَانِيرَ فَتَفَرَّقَا، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ كَأَنَّهُ بَاعَ قَلْبَ فِضَّةٍ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَإِذَا هُوَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- صَيْرَفِيٌّ بَاعَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَيْسَ عِنْدَ الصَّيْرَفِيِّ دَرَاهِمُ أَجْبَرْنَا الصَّيْرَفِيَّ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ أَلْفَيْنِ حَيْثُ شَاءَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ إيَّاهُ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْآخَرِ الدَّنَانِيرُ أَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ إلَى الصَّيْرَفِيِّ مِائَةَ دِينَارٍ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَأَمَّا إذَا تَفَرَّقَا بَطَلَ الصَّرْفُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.
بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ صَيْرَفِيٍّ أَلْفَ دِرْهَمٍ غَلَّةً بِتِسْعِمِائَةِ وَضَحَ وَمِائَةِ فَلْسٍ وَتَقَابَضَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَلْفُ الْغَلَّةُ مِنْ يَدَيْ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَمَا تَفَرَّقَا رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْغَلَّةَ بِالتِّسْعِمِائَةِ الْوَضَحِ الَّذِي أَعْطَاهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْمِائَةِ الْفَلْسِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الْغَلَّةُ رَجَعَ الصَّيْرَفِيُّ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ غَلَّةٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى افْتَرَقَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْمِائَةُ الْفَلْسِ رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِمِائَةِ فَلْسٍ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ الْفُلُوسُ وَلَكِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ بَعْدَ مَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ ثَمَنِ الْوَضَحِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ التِّسْعُمِائَةِ الْوَضَحِ، وَالْمِائَةُ الْفَلْسِ بَعْدَمَا افْتَرَقَا رَجَعَ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ بِتِسْعِمِائَةٍ غَلَّةٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ فَلْسٍ بَدَلَ الَّذِي اسْتَحَقَّ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الرَّجُلِ مِنْ الْوَضَحِ وَالْفُلُوسِ وَاسْتَحَقَّ مَا فِي يَدِ الصَّيْرَفِيِّ مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا افْتَرَقَا فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فِي جَمِيعِ الدَّرَاهِمِ، وَالْفُلُوسِ، وَإِنْ كَانَا لَمْ يَفْتَرِقَا يَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، وَالْبَيْعُ تَامٌّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا بَأْسَ بِبَيْعِ خَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ بِخَاتَمَيْنِ فِيهِمَا فَصَّانِ وَكَذَلِكَ السَّيْفُ الْمُحَلَّى بِسَيْفَيْنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَضَحَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مُكَحَّلَةٍ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تَنْقُصُ وَمَا فِيهَا مِنْ الْكُحْلِ لَيْسَ لَهُ ثَمَنٌ فَيَكُونُ بِمَا زَادَ مِنْ وَزْنِ الْبِيضِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْمَغْشُوشِ إذَا بَيَّنَهُ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا يُرَى، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ فِي رَجُلٍ حَمَلَ الْفِضَّةَ عَلَى النُّحَاسِ لَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِسَتُّوقَةٍ إذَا بَيَّنَ وَأَرَى لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَكْسِرَهَا فَلَعَلَّهَا تَقَعُ فِي يَدِ مَنْ لَا يُبَيِّنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ بِشْرٌ فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ الزُّيُوفَ، وَالْبَهْرَجَةَ، وَالسَّتُّوقَةَ، وَالْمُكَحِّلَةَ، وَالْبُخَارِيَّةَ، وَإِنْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَتَجَوَّزُ بِهَا عِنْدَ الْأَخْذِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ إنْفَاقَهَا ضَرَرٌ بِالْعَوَامِّ وَمَا كَانَ ضَرَرًا عَامًّا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ يُصْلِحُهُ تَرَاضِي هَذَيْنِ الْحَاضِرَيْنِ مِنْ قِبَلِ مَا يَتَجَوَّزُ فِيهِ مِنْ الدُّلْسَةِ عَلَى الْجَاهِلِ بِهِ وَمِنْ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّجُ قَالَ فَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ بَيْنَ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ وَيُعَاقِبَ صَاحِبَهُ إذَا أَنْفَقَهُ، وَهُوَ يَعْرِفُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.